♥ّ

فَرِق تَسُد .. رُؤية تَارِيخية



( إتفاقية سايكس بيكو - تقسيم الكعكة )


فرّق تسُد .. مبدأ إستعان به البريطانيين و اليهود منذ قرنين
فإمتداد ما يشبه الإمبراطورية من الشرق إلى الغرب كالخلافة العثمانية
وضعها أشبه بالجدار العالي الذي يفصل أوروبا عن شمال و وسط أفريقيا
إضافة إلى روسيا القيصرية ..
إذن فجهة الشرق في أوروبا تشكل جدار هائل لسجن كبير ..
و تضطر معها الإمبراطوريات و الممالكـ البريطانية و الفرنسية
و الأسبانية و البرتغالية لإجتياز مسافة هائلة حتى رأس الرجاء الصالح
للإلتفاف و الوصول إلى غرب و جنوب أفريقيا و شرقها من ناحية باب المندب
و بحر العرب و للوصول أيضاً لبلاد الهند و الصين و جاوة و سيام و غيرها
من ممالكـ الشرق الغنية ..

العالم ليس محدداً بالعالم الإسلامي و العربي بل هو قارات مترامية
و إن كانت النظرة الصليبية اللعينة محددة منذ اكثر من 700 سنة
بالإستيلاء على القدس و إنشاء مملكة أورشليم و كان الهدف مسيحي بحت
حتى بدأ اليهود يتغلغلوا في المجتمعات الأوروبية المتحضرة مدنياً
سواء في بريطانيا أو ألمانيا أو النمسا أو روسيا القيصرية ..
و أحست الحكومات أنهم بالفعل جنس ملعون ..



( مجموعة من اليهود ) 



و لكنهم لدواعي إقتصادية مرتبطة بحركة التجارة و الذهب و النقل
صار هناكـ دعم لأمرين أولاً إيجاد وطن خاص باليهود و إبعادهم
عن البلاد الأوروبية ..
و ثانياً فتح الأبواب الموصدة التي كبلت حركتهم سياسياً و إقتصادياً
من أن يقتحموا بأفكارهم الإستعمارية بلاد الشام و العراق
و بلاد فارس و افغانستان و جنوب روسيا القيصرية ..


( بلفور صاحب الوعد )





و بما أن السلطان عبد الحميد وقف ضد الرغبة اليهودية المدعومة
من بريطانيا و ضد كل الإغراءات المالية التي سوف تنتشل الدولة العثمانية
من الديون و الفقر و تملأ الخزينة بالذهب مرة أخرى بعد تم إستنزافها
في الحروب الدائمة في شرق أوروبا ..
لجأت إلى مبدأ فرّق تسُد و زعزعة أطراف البلاد بإذكاء المشاعر القومية
ففي مصر اشعلوا نار الروح المصرية و كذلكـ في بلاد الشام و لبنان ..
و في الجزيرة العربية و لمعرفتهم بأنها أرض القبائل لجأت لأكثرهم وجاهة
في ذلكـ الوقت و هو شريف الحجاز فهو أشرفهم نسباً و هو حاكم لمنطقة مقدسة
و من زيادة الخبث قامت الإمبراطورية البريطانية بعمل حزام يلتف
على أطراف العالم الإسلامي سواء في شرق آسيا أو في عمق الجزيرة العربية
و لم تأتي للعثمانيين من عمق دولتهم في الاناضول مثلاً ..


( السلطان العثماني عبد الحميد الثاني رحمه الله ) 



المسألة أكبر من أنها حرب جمعية سرية كالماسونية قامت منذ أكثر
من 1600 سنة ضد الإسلام و المسلمين أو ضد أي ديانة بعينها ..
و لكنها حرب لأجل السلطة و بسط اليد على ثروات الأمم ..
و قتل العمق الإنساني المتمثل في الدين و الاخلاقيات و الاصالة ..
المسألة ليست فقط مؤامرة ضد الإسلام و تمهيد لظهور الدجّال الأعور
كما هو مذكور في سيناريو رواية آخر الزمان ..!!



( شعار موجود في عملة الدولار الأمريكي يُنسب للماسونية )



لا يُطيح بالدول ذات النظام المتسع و الطموح الذي لا ينتهي
سواء لخدمة الدين و الإنسانية أو لأطماع إستعمارية
سوى الأهواء الشخصية و تسلط المقربين من السلطة ..
لو نظرنا لكل الدول الكبيرة في النظم السياسية الإسلامية
فهي تبدأ بقوة و تتسع شرقاً و غرباً و تحافظ على قوتها
ما بين 4إلى 5 أجيال و بعدها يبدأ عصر الضعف و الوهن
و التنازلات و خلع الألقاب و تقديم الأموال و الهدايا و الاراضي
و قليلاً قليلاً يتم الإطاحة بالدولة بشكل مهين و مذل ..

لو إفترضنا عودة البلاد الإسلامية لنظام حكم الخلافة فمن سيرضى فيه الناس
سابقاً كانت الخلافة ممهد لها الامر سواء بعهد الصحابة أو الامويين
و العباسيين ووو إلخ ..
و لكن الآن من سيرضى فيه الناس بعد أن تفرقوا من الأساس و ذاقوا
طعم الإستقلال القومي و هذا سيدخلنا في معمعة سيناريوهات سقوط العالم الإسلامي
بشكل شامل سواء دول الخليج و هي أصلاً دول قامت بدعم إنجليزي ..
و أتخذت هذهـ الدول من الدين غطاء شرعي يوهم الناس
بأنها خلافة الله على ارضه و هذهـ الاراضي المتسعة صارت إرث عائلي ..!!
إذا أراد الناس العودة لنظام الحكم الإسلامي سواء بمسمى الخلافة او غيرهـ
فليس أمامهم سوى إنتخاب شرفائهم و من يخافوا الله و يتقوهـ
لكي يجتمعوا و يختاروا الرجل الرشيد و القوي الأمين لإختيارهـ
أميناً على هذهـ البلاد و لا أقول أميراً أو ملكاً لأن الناس اصابهم القرف
من مسميات الأمارة و الملكية ..


بقلم / محمد الجفري
19-3-1432هـ